#شعر | هاجر البريكي: لمن تركتَ القوافي

الشاعرة العمانية القديرة هاجر البريكي بمشاعر الحزن الممزوجة بمشاعر الوفاء ترثي الشاعر المعروف الراحل كريم العراقي الذي رحل عن الحياة قبل أيام بقصيدة مؤثرة تنم عن أن "قبيلة" الشعراء يحزنون لفقد أحدهم ، وأن الشعراء والشاعرات يحملون مشاعر الوفاء لكل شاعرة أو  شاعر كبير يغادر الحياة بينما يبقى عطاؤه الإبداعي شعلة متوقدة في ذاكرة الأجيال:

جَفّت دُمُوعُ القَوَافِي وَانتَهَى الكَلِمُ
مُذ وَدَّعَ الشّعرَ فِي فَجرِ الدُّنَا عَلَمُ

هَذا "كَرِيمٌ" تَنَحَّى مِن مَعَارِكِهِ
وأفزعَ المَوت رُكناً ليسَ ينهَدِمُ

مُذ قَالَ يَا أرضُ إنّي شَمسُهَا جَفَلَت
وَالشّعرُ طِفلٌ حَزِينٌ هَدّهُ الألَمُ

مَدِينَةُ الحُبِّ أنّاتٌ شَوَارِعهَا
وَكَاظم اللّحن يَغشَى صُبحَهُ وَجَمُ

وَمَا تَضِيقُ اللّيَالي وَهِي حَالِمَةٌ
وَفِي بُحُورِ دُرُوبِ الحُبِّ تَبتَسِمُ

أحيَتْ قَوَافِيكَ أحَلَامَاً وَافئِدَةً
يَحيَا بِحَرفِكَ قَلبٌ عَاشِقٌ كَلِمُ

يَا سَيِّدَ الشِّعرِ يَا أنفَاسَ أُغنِيَةٍ
تَرنِيمَةُ الوَجدِ قَد أردَت بِهَا ذِمَمُ

لِمَن تَرَكتَ القَوَافِي وَهيَ خَاضِعَةٌ
فِي كَفِّ رُوحِكَ قَد ضَاقَت بِهَا لُجُمُ

لِمَن تَرَكتَ عُيُونَ الشِّعر مُتعَبَةً
قَد هَزَّهَا فِي صَمِيمِ بَوحِهَا النَّدَمُ

لِمَن تَرَكتَ لسانَ الحَال يُنشِدُهُ
"جُرحِي عَنِيدٌ بِلسعِ النَّارِ يَلتَئِمُ"

بَكَاكَ طِفلٌ صَغِيرٌ إذ مَضَيت هُنَا
يُتما وَنَاحَت لمنفى فَقدِكَ الدِّيمُ

عِرَاقُكَ اليَومَ مَحمُولٌ عَلى خَبَرٍ
يَكَادُ يُشرِقُ فِيهِ الجُرحُ والأَكَمُ

وَدَاعُ عَينَيكَ إذ طَافَت شَوَارِدهَا
وَجَالَتِ الكَونَ فِي أحَلَامِ مَن رَسَموا

وَدَاعُ شِعرٍ جَمِيلٍ لَم يَزَل وَلِهَاً
وَيَا كَرِيم المَعَاني حَفَّكَ النَّسَمُ